تخفِّف من الأضرار التي تلحق بالشعاب المرجانية الطبيعية
تعتبر الشعاب المرجانية الدقيقة والمحيطات الضخمة إحدى أكثر الطرق الملموسة التي يمكننا من خلالها رؤية آثار التغير المناخي، حيث يمكن لهذه الشعاب المرجانية أن تمتد لمئات الأميال - مثل الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا - أو تظهر كبقع متناثرة في المشهد البحري، وجميعها تلعب دورًا هامافي النظام البيئي للمحيطات التي تتحمل الآن عبء الآثار الضارة للتغير المناخي.
وفي تصريحٍ له، يقول الدكتور برونو ويلتر جيرالديس الباحث في جامعة قطر: "إن التدهور مثير للقلق - لكن لا يزال هناك أمل". ويعد والدكتور برونو الباحث الرئيسي وراء الاكتشاف الرائد والذي يمكن أن يساعد في مكافحة الأضرار التي تلحق بالشعاب المرجانية، حيث يتم استزراع الشعاب المرجانية الاصطناعية داخليا ومن ثم نشرها في البحر، وقد سميت "بغابة الفطر" بعد اكتمال شكلها الهيكلي. وتعتبر من الطرق المبتكرة التي تسمح للشعاب المرجانية التالفة بالمساعدة في العمل على ترميم واستعادة نفسها.
والمشكلات التي تواجهها الشعاب المرجانية حاليًا على حسب ما أورد الدكتور برونو بالقول: "مماثلة لتبييض الشعاب المرجانية والتشوه وفقدان التنوع البيولوجي، ولكن حجم النظام البيئي الصحي للشعاب المرجانية في البيئات البحرية الأخرى أكبر من هنا. ففي قطر هناك فقط 2٪ من الموارد البحرية التي بها أنظمة بيئية للشعاب المرجانية القابلة للاسترداد، ونحن على وشك مواجهة انقراض العديد من الأنواع المتوطنة التي تعيش فقط في منطقة الخليج". وقد تم بالفعل تنفيذ هذه الشعاب المرجانية الاصطناعية في المحيط، وذلك بهدف استعادة الحياة البحرية في المنطقة. "وبالفعل تجري تجربة الشعاب الاصطناعية الصديقة للبيئة وتقييم وظائفها في زراعة الشعاب المرجانية، وقد تمت تجزئة أنواع الشعاب المرجانية المرنة وزراعة أكثر من 4000 جزء في النظام البيئي الطبيعي لدولة قطر".
ويشرح الدكتور برونو أهمية إجراء أبحاث حول الشعاب المرجانية في هذا الجزء من العالم، ويقول: "الشعاب المرجانية في قطر تعتبر واحدة من أكثر الشعاب المرجانية أهمية على وجه الأرض. حيث أنها تتكيف بشكل طبيعي للبقاء على قيد الحياة في البيئات البحرية شديدة الحرارة، ويمكن أن تعيش الأنواع المرجانية هنا بشكل طبيعي في درجات حرارة تصل إلى 34 درجة مئوية بينما تتبيض الأنواع المرجانية في الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا وتموت عندما تبلغ درجة الحرارة 31 درجة مئوية. والآن مع ما يجري من تغير للمناخ فإن درجة حرارة المياه في قطر تصل إلى 36 درجة مئوية وتستمر لفترات طويلة وهذا يؤدي إلى التبييض الحالي والانقراض الهائل وبعبارة أخرى فإن مرونة الأنواع المرجانية في قطر تعمل على تحويل هذه الأنواع إلى مورد طبيعي ثمين للغاية، ويمثل ذلك مورد جيني وراثي لا يقدر بثمن وقد كانت قطر تتابع فقط عملية انقراضها. ولا تزال قطر تأوي البنك الوراثي لدعم تحسين تقنيات استعادة الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم".
ويعد البحث عن طرق استعادة الشعاب المرجانية أمرًا مهماً للغاية، وإذا لم نفعل شيئًا ستكون النتيجة كارثية. "حيث سينخفض مخزون الصيد بشكل كبير، كما أننا قد نفقد بعض الأدوية الصيدلانية والمواد الكيميائية غير الموصوفة التي تنتجها العديد من الأنواع عند انقراضها. كما يمكن أن تظهر بعض الآفات والأمراض دون وجود مفترسات ونظام بيئي متوازن مما يزيد من فرص انتشار الأوبئة والطفيليات" وذلك وفقا لما ذكره الدكتور برونو. بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن للتغير المناخي أن يعرض السلاسل الاقتصادية في المجتمع للخطر.
من جانبها، قالت ا. ألكسندرا ليتاو بن حمدو، أستاذ باحث في مركز العلوم البيئية بجامعة قطر: "تسعى جامعة قطر بشكل عام ومركز العلوم البيئية بشكل خاص إلى تطوير حلول قائمة على العلم لمواجهة التحديات البيئية الوطنية بما يتماشى مع الرؤية الوطنية 2030 لدولة قطر. نحن نهدف إلى فهم أفضل للتنوع البيولوجي البحري المحلي وعمل (أو اختلال) النظم البيئية البحرية الرئيسية في قطر وتقديم الحلول والاستراتيجيات الإدارية لحماية البيئة البحرية القطرية. أحد هذه الحلول هو الشعاب المرجانية الاصطناعية (غابة الفطر) التي تحالفت مع الحدائق المرجانية النشطة؛ لتسريع استعادة النظم البيئية للشعاب المرجانية المنهارة.
الجدير بالذكر أن الدكتور برونو يقوم بتنفيذ جهوده البحثية في مركز العلوم البيئية بجامعة قطر والذي يضم مجموعات خاصة لعلم الأحياء البحرية وعلوم المحيطات. كما يتمتع المركز بتاريخ طويل من البحوث الرئيسية والتطبيقية والاستشارات وبناء القدرات الوطنية، وذلك منذ تأسيسه ويعتبر من الأصول والأرصدة القيمة للأنشطة البحثية داخل وخارج مجتمع الجامعة.